إذا علمت أن ثمة عدوٌ يتربص بك، وينتظر الفرصة كي يهجم عليك فما أنتَ فاعل؟
ومن العجيب أنه ملازم لك في اليقظة والمنام، في الحل وفي الترحال.
إنه لأمرٌ يدعو للريبة، فكيف تتقيه وهو منذ أن تولد يطعن في جنبيك بإصبعيه، ويجري منك مجرى الدم، فأي سلاح يجدي معه؟
يتحرى أوقات غفلتك، فيتسلق أسوار الحذر، ويلج من أبواب الخطر، يلتمس ثلمة في حصنك المنيع ليدخل!
إنه ينصب عرشه على البحر ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة.
ويعقد على قافية رأس أحدنا إذا نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة إلا أن يقوم الإنسان فيذكر الله ويتوضأ ويصلي فتنفك العقد.
ويبول في أذني من نام حتى يصبح، ويبيتُ في خيشومه إلا أن يستنثر.
وإذا نودي للصلاة أدبر وله ضراط، يأتي أحدنا فيقول: من خلق كذا؟
من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟
فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته.
إن معركتنا مع إبليس وجنوده معركة حامية الوطيس، فكلما غفلنا عن ذكر الله كلما فتحنا له الأبواب الموصدة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس).
ونحن لا نخشى على النفوس الكافرة من الشيطان، فذلكم نفوس مظلمة، قد ضرب الشيطان أطنابه فيها ورتع، وزين لها سوء أعمالها، إنما الخشية على النفوس المسلمة التي لم تحسب للشيطان حسابًا في واقعها وباتت غافلة عنه غير آبهة بمكره و ألاعيبه.
إذن فالإكثار من ذكر الله هو الحصن الحصين، والسلاح الفريد الذي نتقي به الشياطين.
ويدخل في الذكر المطلق الصلاة وتلاوة القرآن، وتعلمه وتعليمه والعلم النافع كما يدخل فيه التسبيح والتكبير والتهليل.
لذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الذي قال له إن شرائع الإسلام كثرت عليه قال: «لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله عز وجل».
وما أجمل أن نتقرب إلى الله بأحب شيء إليه.
قال الحسن: (أحب عباد الله إلى الله أكثرهم له ذكرًا وأتقاهم قلبًا).
فما سعد العبد بمثل ذكر الله تعالى ولا اطمأنت نفسه بمثل طاعة ربه، فالذكر يرضي الرب سبحانه وتعالى ويزيل الهم والغم، ويجلب للقلب الفرح والسرور ويورث العبد المحبة والإنابة إلى الله والرجوع إليه والقرب منه، ويفتح له بابًا عظيمًا من أبواب المعرفة.
فاحرص يا رعاك الله على الأوراد الثابتة عن نبيك صلى الله عليه وسلم في كل شيء وفي جميع شئونك وعلى أي حال كنت عليها وفي أي زمان ومكان.
وضع نصب عينيك قول الحق تبارك وتعالى: {إن الشيطان لكم عدوٌ فاتخذوه عدوًّا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} [فاطر: 6].
إضاءة:
حكى ابن القيم عن بعض السلف، أنهم قالوا: إذا تمكن الذكر من القلب، فإن دنا منه الشيطان صرعه الإنسي، كما يُصرع الإنسان إذا دنا منه الشيطان، فيجتمع عليه الشياطين، فيقولون: ما لهذا؟
فيُقال: صرعه الإنسي.
الكاتب: أمل القضيبي.
المصدر: موقع عودة ودعوة.